ÙÙŠ الوقت الذي يتسابق Ùيه العلماء من أجل الكش٠عن علاج Ù„Ùيروس كورونا (كوÙيد-19)ØŒ تطل علينا وسائل إعلامية لتقدم بعض الوصÙات بوصÙها علاجًا مثل الشلولو (ملوخية جاÙØ© مع الثوم والليمون والشطة)ØŒ والÙول، ونØÙˆ ذلك، ومهمة ÙلاسÙØ© العلم هي إعادة النظر من Øين إلى آخر ÙÙŠ ما يميز العلم من اللاعلم والعلم الزائÙ. ولعلّ أقل Ùائدة للÙلسÙØ© العلمية هي Øمايتنا من هذا من الخداع الÙكري. تدور هذه المقالة على ثلاث خطوات، تقدم الأولى خلÙية تاريخية لمشكلة تمييز العلم، وتعرض الثانية Øلّ بوبر لهذه المشكلة، واعتراض نزعة الكلية عليه، وتعالج الثالثة نقد بونجي Ù„ØÙ„ بوبر، وتصوره الخاص لمعايير العلم.
توÙÙŠ ماريو بونجي (2020-1919) ÙÙŠ الرابع والعشرين من Ùبراير الماضي بعد أن رأت عيناه الدنيا ما يزيد على مئة عام. وقبل أن ينتقل إلى صديقه كارل بوبر (1994-1902) ÙÙŠ عالم البرزخ، كان قد واجهه ÙÙŠ الØياة مواجهات نقدية تلطّÙت Øينًا واشتدت Øينًا آخر، وكان آخرها ما ورد ÙÙŠ كتاب بونجي ممارسة العلم ÙÙŠ ضوء الÙلسÙØ©. وأرى من الخير أن أقدم لك شيئا يسيرًا عن هذا الÙيلسوÙ- العالÙÙ… الذي لم ÙŠØظَ ÙÙŠ العربية بالدرس قدر ماØظي به غيره من ÙلاسÙØ© العلم.
1- ماريو بونجي: سيرة موجزة
ماريو بونجي Ùيلسو٠أرجنتيني، ولد لأم ألمانية ممرضة هاجرت من ألمانيا إلى الأرجنتين قبيل الØرب العالمية الأولى طلبا للرزق، وأب أرجنتيني من أصول ألمانية عمل طبيبًا ونائبًا برلمانيًا. ونظرًا لاشتغال والده بالمعارضة السياسية اليسارية Ùرَّ بونجي بعد سجن أبيه ووÙاته إلى البرازيل. وعمل أستاذًا زائرًا ÙÙŠ عدة دول، واستقر ÙÙŠ جامعة مكجل بكندا عام 1966ØŒ وظل يشغل أستاذ كرسي، يدرّس المنطق والميتاÙيزيقا ÙˆÙلسÙØ© العلم Øتى بلوغه التسعين عام 2009ØŒ ثم أستاذًا متÙرغًا Øتى ÙˆÙاته.
درس بونجي الÙيزياء وميكانيكا الكم مع جويدو بك الذى كان مهاجرًا أستراليًا وتلميذًا لهيزنبرج، ÙˆØصل على الدكتواراه ÙÙŠ الÙيزياء عام 1952. علّم بونجي Ù†Ùسه الÙلسÙØ© الØديثة ÙÙŠ بيئة كانت تعاني من ركود ÙلسÙÙŠ. وكان أول Ùيلسو٠علم ÙÙŠ أمريكا الجنوبية يتدرب ÙÙŠ العلم. وله أربعة أبناء هم كارلوس، وماريو، وإريك، وسيلÙيا وكلهم أساتذة ÙÙŠ الجامعات، أما زوجته لأكثر من ستين عامًا، التي ردت على رسالة عزائي ÙÙŠ صديقي بونجي، Ùهي مارتا كاÙالو أستاذة الرياضيات ÙÙŠ جامعة مكجل.
تدور كتابات بونجي ÙÙŠ مجالات واسعة على رأسها الÙيزياء، والÙلسÙØ©ØŒ وعلم النÙس، وعلم الاجتماع، وأسس الأØياء. وهو Ùيلسو٠غزير الانتاج أل٠قرابة ثمانين كتابًا، وخمسمئة بØØ« علمي ÙˆÙلسÙÙŠØŒ من أبرزها رسالة ÙÙŠ الÙلسÙØ© الأساسية 9 مجلدات (1974-1989)ØŒ ÙˆÙلسÙØ© العلم ÙÙŠ مجلدين: الأول: من المشكلة إلى النظرية (1998)،والثاني: من التÙسير إلى التسويغ (1998)ØŒ والمادة والعقل: بØØ« ÙلسÙÙŠ (2010) (ترجمة وتقديم ØµÙ„Ø§Ø Ø¥Ø³Ù…Ø§Ø¹ÙŠÙ„ØŒ المركز القومي للترجمة، القاهرة، (2019)ØŒ وممارسة العلم ÙÙŠ ضوء الÙلسÙØ© (2017) (ترجمة ودراسة ØµÙ„Ø§Ø Ø¥Ø³Ù…Ø§Ø¹ÙŠÙ„ØŒ تØت الطبع، المركز القومي للترجمة، القاهرة).
يداÙع بونجي عن النزعة العلمية، ويرى أن المنهج العلمي يمكن الاعتماد عليه ÙÙŠ كل مجالات البØØ« والÙعل، من الÙيزياء إلى علم الصيدلة إلى العلوم السياسية، وتصميم السياسات، والÙلسÙØ©. ويمكن اختصار تصوره للعلاقة بين الÙلسÙØ© والعلم ÙÙŠ جملة يسيرة هي “تÙلس٠علميًا، وتناول العلم ÙلسÙيًاâ€. رÙض بونجي ÙÙŠ كتابه أسس الÙيزياء 1967 تÙسير كوبنهاجن وتÙسير ديÙيد بوهم لميكانيكا الكم، ÙˆØ§Ù‚ØªØ±Ø ØªÙسيره الواقعي. ÙˆØصل على جوائز عالمية عديدة، وأربعة شهادات Ùخرية ÙÙŠ الأستاذية ومنØته جامعات عالمية 22 دكتوراه Ùخرية تقديرًا لجهده ÙÙŠ تقديم أشمل نسق عرÙته الÙلسÙØ© ÙÙŠ آواخر القرن العشرين يعر٠بالمادية النسقية. وهو الÙيلسو٠الوØيد، بعد رسل، الذى Ø£ØµØ¨Ø Ø²Ù…ÙŠÙ„Ù‹Ø§ للجمعية الأمريكية للتقدم العلمي ÙÙŠ عام 1984.
2- تمييز العلم : خلÙية تاريخية
ÙŠØاول الإنسان Ùهم ظواهر الطبيعة Ùهمًا معقولًا منذ المراØÙ„ الأولى للعلم التي سجّلها التاريخ. Ùأنت تجد أبقراط، مثلًا، يهاجم ÙÙŠ كتاب “ÙÙŠ المرض المقدس†طريقة المعالجين الدجالين ÙÙŠ Ùهم الصرع ÙÙŠ Øدود أسباب غير طبيعية. وعلى هذا النØÙˆ ظهرت Ù…Øاولات تمييز العلم من السØر والشعوذة وغير ذلك، وتم تØديد معيار التمييز ÙÙŠ شكل شروط ضرورية وكاÙية للمعرÙØ© epistÄ“mÄ“ØŒ أو العلم scientia.
وتستند معايير التمييز البارزة تاريخيًا إلى أبرز مجالات الÙلسÙØ©. وجرت صياغة المعايير ÙÙŠ Øدود الوضع الأنطولوجي لموضوعات المعرÙØ© (المثل الأÙلاطونية، الماهيات الأرسطية، مثلًا) ØŒ ÙˆÙÙŠ Øدود الوضع الدلالي لمنتجات البØØ« (العلم بوصÙÙ‡ مجموعة من المزاعم الصادقة أو على الأقل ذات المعنى Øول الكون) ØŒ ÙˆÙÙŠ Øدود الوضع المعرÙÙŠ لمنتجات البØØ« (العلم بوصÙÙ‡ مجموعة من المزاعم اليقينية أو الضرورية أو الموثوقة أو المسوغة تسويغًا ملائمًا) ØŒ ÙˆÙÙŠ Øدود الصورة المنطقية لتك المزاعم (كلية أو جزئية، واستخراج التنبؤات منها) ØŒ ÙˆÙÙŠ Øدود نظرية القيمة (المنهج المعياري الذي ينتج المزاعم، على سبيل المثال، الاستقرائي أو الÙرضي- الاستنباطي، أو مقارنة مجال مع Ùرع علمي نموذجي مثل الÙيزياء).
ورأى أرسطو أن الزعم يكون علميًا إذا كان:
– عامًا أو كليًا
– يقينيًا بصورة مطلقة
– تÙسيريًا عليًا.
وأنت تلاØظ أن أرسطو وضع معايير تمييزه ÙÙŠ Øدود كيÙيات المنتجات، وليس عملية إنتاجها. (Nickles 2006: 189)
والمØاولات العربية الإسلامية ÙÙŠ العصور الوسطى لاصطناع المنهج العلمي ÙÙŠ البØØ«ØŒ وتمييز العلم من العلم الزائÙØŒ واضØØ© جدًا عند جابر بن Øيان والØسن بن الهيثم وأبي بكر الرازي والبيروني وغيرهم.
وتخلى كثير من الÙلاسÙØ© الطبيعيين ÙÙŠ القرن التاسع عشر عن مطلب أرسطو للعلل الأربع والماهيات الØقيقية بوصÙÙ‡ مستØيلًا. واستطاعت ميكانيكا نيوتن إثبات Øركة الكواكب ÙÙŠ Øدود قوانين الØركة والجاذبية ولكنها أخÙقت ÙÙŠ العثور على علة الجاذبية أو ماهية الجاذبية. وقرر Ùرانسيس بيكون أنه لكي يكون الزعم علميا، يجب استقراؤه من مجموعة من الوقائع التجريبية. ورأى أن التجربة هي صاØبة الكلمة الأولى والأخيرة.
وهكذا تØددت صورة المنهج العلمي بوصÙÙ‡ طريقة لاكتساب المعرÙØ© العلمية وإنتاجها، وعر٠بالمنهج الاستقرائي. وتØدث الÙلاسÙØ© عن خطواته على النØÙˆ التالي: الأولى: الملاØظة التجريبية،والثانية: التعميم الاستقرائي للوقائع التي تمت ملاØظتها، والثالثة: وضع Ùرض ÙŠÙسر هذا التعميم، والرابعة: التØقق من صØØ© الÙرض. ثم جاء العلم ÙÙŠ القرن العشرين مع آينشتين وغيره ليØدث تØولًا ÙÙŠ المنهجية العلمية. وبدلًا من البدء بالملاØظة، كما كان الØال ÙÙŠ المنهج الاستقرائي، Ø£ØµØ¨Ø Ø§Ù„Ø¨Ø¯Ø¡ بالÙرض، وهو المنهج الÙرضي الاستنباطي.
وعندما ظهرت ÙلسÙØ© العلم بوصÙها تخصصًا دقيقًا ÙÙŠ العقد الثاني من القرن العشرين، ظهرت معها مشكلة التمييز بوصÙها ملمØًا أساسيًا عند بوبر والتجريبيين المنطقيين. وكتب Ùتغنشتاين ÙÙŠ الرسالة : “مجموع القضايا الصادقة هو كل العلم الطبيعي (أو المجموعة الكاملة للعلوم الطبيعية).†(Wittgenstein 2002 : 4,11) تأثر التجريبيون المنطقيون برسالة Ùتغنشتاين، ولكن بدلًا من الØديث عن الصدق الواقعي نظروا إلى قابلية التØقق التجريبي بوصÙها معيارًا لتمييز العلم من الميتاÙيزيقا والعلم الزائÙ. وعمل معيار قابلية التØقق verifiability criterion بوصÙÙ‡ معيارًا Ù„Øالة المعنى والمعنى التجريبي معًا. ومع ذلك، سرعان ما أدرك التجريبيون المنطقيون أن هذا المعيار يتعذر الدÙاع عنه. إذ يستبعد الرياضيات والمنطق من العلم، والمزاعم النظرية المجردة أيضًا. زد على ذلك أن وضعه الخاص غير واضØØŒ ما دام هو Ù†Ùسه غير قابل للتØقق.
3- بوبر وقابلية التكذيب
نظر بوبر إلى مشكلة التمييز ومشكلة نمو المعرÙØ© بوصÙهما المشكلتين الأساسيتين ÙÙŠ الÙلسÙØ© (Popper 1959: 34). صØÙŠØ Ø£Ù†Ù‡ عدّ مع التجريبيين المنطقيين قابلية الاختبار التجريبي بوصÙها علامة على العبارة العلمية، لكنه اختل٠معهم على نقطتين. الأولى، تعد قابلية التكذيب ÙˆØدها بوصÙها قابلية الاختبار ÙÙŠ رأي بوبر. والثانية، رÙض بوبر التØول اللغوي، ومØاولة التجريبيين المنطقيين اشتقاق معيار التمييز من نظرية المعنى. وص٠كارناب ÙلسÙØ© العلم بأنها منطق (لغة) العلم، واشترط أن تستوÙÙŠ كل العبارات العلمية المعيار التجريبي للمعني المعرÙÙŠ. وجميع العبارات غير التجريبية هي “ميتاÙيزيقية†ولا معنى لها من الناØية المعرÙية. واÙÙ‚ بوبر على أن العبارات الميتاÙيزيقية ليست علمية، لكنه أصرّ على أنها قد تكون ذات معنى. ولاØظ أن أعمق المشكلات العلمية تضرب بجذورها ÙÙŠ المشكلات الميتاÙيزيقية، التي كانت بمثابة الموجه للعلم الØديث. (191: Nickles 2006)
رÙض بوبر المعايير الاستقرائية للتمييز. ومع ملاØظة اللاتماثل المنطقي بين التØقق والتكذيب، Ø§Ù‚ØªØ±Ø Ù‚Ø§Ø¨Ù„ÙŠØ© التكذيب كمعيار للتمييز. ورأى أن العبارة تكون علمية إذا ÙˆÙقط إذا كانت قابلة للتكذيب من Øيث المبدأ.
كان ذلك ÙÙŠ خري٠عام 1919 عندما بدأت للمرة الأولى ÙÙŠ الصراع مع المشكلة، “متى يجب تصني٠النظرية على أنها علمية؟†أو “هل هناك معيار للسمة أو الوضع العلمي للنظرية؟â€. لم تكن المشكلة التي أزعجتني ÙÙŠ ذلك الوقت، “متى تكون النظرية صØÙŠØة؟†ولا “متى تكون النظرية مقبولة؟†وإنما كانت مشكلتي مختلÙØ©. كنت أرغب ÙÙŠ التمييز بين العلم والعلم الزائÙØ› وأعر٠تمامًا أن العلم غالبًا ما يخطئ، وأن العلم الزائ٠ربما يتصاد٠أن يعثر على الØقيقة. (Popper 2002: 33)
وما دام أي Ùرع معرÙÙŠ تقريبًا يمكن تناوله “تناولًا نقديًاâ€ØŒ على Øدّ تعبير بوبر، Ùلماذا يظلّ التمييز المشكلة المركزية ÙÙŠ نظريته ÙÙŠ المعرÙة؟ الجواب عنده أن معياره ÙÙŠ التمييز هو Ù…ÙØªØ§Ø ØÙ„ مشكلة نمو المعرÙØ©ØŒ أي مشكلة كي٠يتعلم الناس من التجربة. والØÙ„ لهذه المشكلة هو أنهم يتعلمون من أخطائهم من خلال تØديد الخطأ واستبعاده، وليس الØÙ„ المقدم تقليديًا أنهم يتعلمون عن طريق الاستقراء من الخبرة. يعتقد أن التكذيب هو الذي يمكّنهم من التعلم من التجربة دون استقراء، إنه الطريقة الوØيدة الممكنة للتعلم. وعلى هذا النØÙˆ تكون قابلية التكذيب هي Ø§Ù„Ù…Ù„Ù…Ø Ø§Ù„Ø£Ø³Ø§Ø³ÙŠ الذي يجعل التعلم وبالتالي العلم ممكنًا. ÙˆÙروع المعرÙØ© التي لا تشجع على نقدها العقلاني والتجريبي ليست غير نزيهة Ùكريًا ÙØسب وإنما تعرقل تقدم المعرÙØ© أيضًا.(Nickles 2006:192)
“يستطيع المرء أن يلخص كل هذا بالقول إن معيار الØالة العلمية للنظرية هو قابليتها للتكذيب، أو قابليتها للتÙنيد، أو قابليتها للاختبارâ€. (Popper 2002: 44)
وشاع معيار قابلية التكذيب وكÙتب له الرواج Øتى أن الكتب المدرسية ÙÙŠ العلم تبØØ« عما يؤيده ÙÙŠ أقوال العلماء، وتعتبره القاعدة المنهجية الأولى ÙÙŠ العلم:
“القاعدة الأساسية ÙÙŠ العلم هي أن جميع الÙروض يجب أن تكون قابلة للاختبار – يجب أن تكون عرضة، من Øيث المبدأ على الأقل، لإظهار أنها خاطئة. ÙÙŠ العلم، من المهم أن تكون هناك وسيلة لإثبات أن Ùكرة خاطئة Ø£Øرى من وسيلة لإثبات صØتها. هذا عامل رئيسي يميز العلم عن العلم الزائÙ. قد يبدو هذا غريبًا ÙÙŠ بادىء الأمر لأنه عندما نتساءل عن معظم الأشياء، Ùإننا نشغل أنÙسنا بطرق اكتشا٠ما إذا كانت صØÙŠØØ©. الÙروض العلمية مختلÙØ©. ÙÙŠ الواقع، إذا أردت تمييز ما إذا كان الÙرض علميًا أم لا، اÙØص لترى ما إذا كان هناك اختبار لإثبات أنه خاطىء. إذا لم يكن هناك اختبار لخطئه المØتمل، Ùإن الÙرض لا يكون علميًا. صاغ آينشتين ذلك صياغة جيدة عندما قرر: “لا يمكن لمجموعة من التجارب أن تثبت أنني على صواب؛ وإنما يمكن أن تثبت تجربة واØدة أنني على خطأâ€. (Hewitt 2015: 9-10) ونظرت دراسات أخرى إلى معيار التمييز عند بوبر بوصÙÙ‡ أسطورة من الأساطير الأخيرة Øول العلم. (Gordin 2015: 219-226)
4- دعوى دوهيم- كواين : اعتراض مبكر على قابلية التكذيب
اعتقد بوبر أنه قد Øلّ مشكلة التمييز من خلال معياره الخاص بقابلية التكذيب. ولكن الÙلاسÙØ© المعاصرين أصبØوا أكثر Øذرًا عن طريق تقدير واسع النطاق للقضايا المثارة ÙÙŠ هذا السياق من خلال أعمال دوهيم وكواين، وتوصلوا إلى استنتاج Ù…Ùاده أن بوبر كان متعجلًا بعض الشيء ÙÙŠ إعلان النصر. وهم يدركون الآن أن العلم ليس نوعًا موØدًا من النشاط، وأن المشهد المستمر المتغير قد يربطه بمواق٠غير علمية. Pigliucci and Boudry 2013:) 1)
ورأى بيير دوهيم، على عكس التجريبيين المنطقيين وبوبر، أن نظريات مثل الميكانيكا الكلاسيكية، ونظرية ماكسويل الكهرومغناطيسية، ونظرية النسبية ليست قابلة للتكذيب ÙÙŠ عزلة. يقول دوهيم ÙÙŠ كتاب هد٠النظرية العلمية وبنيتها :
“لا يمكن أن يعرض عالم الÙيزياء أبدًا الÙرض المنعزل للاختبار التجريبي، وإنما يعرض Ùقط مجموعة كاملة من الÙروض لهذا الاختبار، وعندما لا تتÙÙ‚ التجربة مع تنبؤاته، Ùإن ما يعرÙÙ‡ هو أن Ùرضًا واØدًا على الأقل من الÙروض التي تشكل هذه المجموعة غير مقبول ويجب تعديله، ولكن التجربة لا تØدد الÙرض الذي يجب تغييره.†((Duhem 1954: 187
وكان كواين (2000-1908) قد توصل إلى هذه الÙكرة ÙÙŠ مقالته “عقيدتان للتجريبية†قبل أن يخبره Ø£Øد أصدقائه بسبق دوهيم إليها, وأصبØت تعر٠ÙÙŠ الأدبيات الÙلسÙية “دعوى دوهيم –كواينâ€. ومÙاد نزعة الكلية holism عند كواين أنه بتØويل التركيز من الجمل إلى أنساق الجمل، نصل إلى الاعترا٠بأنه عادة ما تكون الجملة الكاملة ÙÙŠ نظرية علمية نصًا أقصر من أن ÙŠØµÙ„Ø ÙƒÙˆØ³ÙŠÙ„Ø© مستقلة للمعنى التجريبي، إذ أن الجملة الكاملة لن تملك مجموعة تقبل الانÙصال من نتائج النظرية العلمية القابلة للملاØظة أو الاختبار، وإنما النظرية العلمية مأخوذة ككل هي التي ستملك بالÙعل هذه النتائج. (Quine 1982:70 وانظر أيضًا ØµÙ„Ø§Ø Ø¥Ø³Ù…Ø§Ø¹ÙŠÙ„: 1995: 83-86). وإن شئت عبارة موجزة تلخص لك هذه النزعة، Ùها هي:
“إن العبارات العلمية لا تتعرض للنقد على Ù†ØÙˆ منÙصل مقابل الملاØظات؛ لأن هذه العبارات لا تتضمن نتائجها القابلة للملاØظة إلا عندما تكون مرتبطة معًا بوصÙها نظريةâ€. (Quine 1975 : 313)
وتستطيع أن تØدد نقد كواين للتمييز التØليلي- التركيبي ÙÙŠ نقاط أساسية من بينها:
- لا يمكن ØªÙˆØ¶ÙŠØ Ø§Ù„ØªÙ…ÙŠÙŠØ² من دون الاستعانة بألÙاظ تثير القلق والØيرة مثل التمييز Ù†Ùسه، ÙˆÙÙŠ مقدمتها “المعنى†وâ€Ø§Ù„ترادÙâ€.
- لا يوجد معيار ÙŠØدّد أين تنتهي الاستعانة بالواقع التجريبي، وأين تبدأ الاستعانة بمعاني الكلمات.
- ÙˆÙقًا لنزعة الكلية، “لا توجد عبارة مستثناة من التعديلâ€ØŒ وينتهي هذا إلى رÙض المعرÙØ© الأولية التي تقع ÙÙŠ الجانب التØليلي.
وبالاتÙاق مع هجوم كواين على التمييز التØليلي- التركيبي، استنتج كارل همبل أن “صياغة النظرية وصياغة المÙهوم يسيران جنبًا إلى جنب، ولا يمكن الاستمرار Ø¨Ù†Ø¬Ø§Ø ÙÙŠ معزل عن الآخر.†Hemple 1965:113)) ورأى أنه من الأÙضل Ùهم المعنى المعرÙÙŠ بوصÙÙ‡ مسألة درجة، أما تقييمه Ùلا يتØقق إلا بمعايير متعددة. وتØدث عن درجة تأييد الÙرض عن طريق الدليل التجريبي. Hemple 2000:135)). ونقد ÙلاسÙØ© آخرون، مثل كون ولاكاتوش ÙˆÙييرآبند ولاري لودان، معيار بوبر لأسباب مختلÙØ©.
5- بونجي وتكذيب قابلية للتكذيب
اختل٠بونجي مع بوبر على نقاط تتعلق بÙلسÙØ© العلم، ومشكلة العقل والجسم، ÙˆÙلسÙØ© بوبر الاجتماعية. واعترض على تناول بوبر لمشكلة التمييز من زاويتين، الأولى، أنها Ù…ÙØªØ§Ø Ù…Ø¹Ø¸Ù… المشكلات الأساسية ÙÙŠ ÙلسÙØ© العلم. والرأي عند بونجي غير ذلك؛ إذ يؤكد أنه يتعين على الÙلاسÙØ© دراسة العلم قبل أن يتØدثوا عنه Øديث الوعاظ، لأن الÙلسÙØ© المستنيرة بالعلم قد تدÙع العلم إلى الأمام. (Bunge 2019a: 505) والثانية أنه نظر إلى بوبر على أنه يوصي العلماء بمØاولة تكذيب تخميناتهم بدلًا من تجريبها وتعزيزها، ولكنه يعتقد أن هذه التوصية خاطئة:
ورغم أن معيار العلمية عند بوبر، أعني قابلية التكذيب، Ø£ØµØ¨Ø Ø±Ø§Ø¦Ø¬Ù‹Ø§ تمامًا، Ùقد جرت Ù…Øاولة البرهنة على أنه خاطئ من جميع الجوانب، منطقيًا، ومنهجيًا، ونÙسيًا، وتاريخيًا. (Bunge 2017: 38)
أولا، استعمال بوبر لكلمة نظرية غير متقن لأنه أراد به أن يشمل الÙرض ونظرية ملائمة، أعني نسق Ùرضي – استنباطي. وهذه النقطة مهمة لأنه على Øين أن الÙرض الواØد يجوز تأييده أو تÙنيده عن طريق تجربة Øاسمة، لا يمكن تØقيق الشيء Ù†Ùسه Øول نظرية، لأنها Ùئة غير Ù…Øدودة من العبارات. ÙˆÙÙŠ هذه الØالة يختبر المرء Ùقط قلّة من العبارات المهمة ÙÙŠ الÙئة، ويأمل أن يتبين ÙÙŠ النهاية أن يكون للبقية قيمة الصدق Ù†Ùسها.
ثانيا، ÙÙŠ المنطق الكلاسيكي، وهو المنطق المستخدم ÙÙŠ العلم، “القضية Ù‚ كاذبة†مكاÙئة للقضية “لا- Ù‚ صادقةâ€. ومن ثم Ùإن التأييد ليس أضع٠من التكذيب. وعلى العكس، النÙÙŠ أضع٠من الإثبات، لأن ايجاد أن Ù‚ كاذبة متواÙÙ‚ مع بدائل كثيرة بشكل غير Ù…Øدود لـ Ù‚. واكتشا٠أن أرسطو أخطأ ÙÙŠ التمسك بأن القلب هو عضو العقل أعطى الÙرصة لأعضاء أخرى، مثل الطØال (كما اعتقد الأطباء الصينيون التقليديون)ØŒ والغدة الصنوبرية (كما خمن ديكارت)ØŒ والمخ (كما أثبت العلماء ÙÙŠ علم الأعصاب المعرÙÙŠ). وهذا هو السبب ÙÙŠ أن الراÙضين أكبر عدد بكثير من بقيتنا، الذين يعرضون سمعتنا للخطر بوضع تقارير مع عدم ÙƒÙاية الدليل.
ثالثا، الجملة “ق قابلة للاختبار†غير كاملة، لأن قابلية الاختبار متناسبة مع وسيلة الاختبار. على سبيل المثال، اÙتقر الذريون القدماء إلى أجهزة الكش٠وأدوات المختبر الأخرى لاختبار تخميناتهم. وبعبارة موجزة، المØمول “قابل للاختبار†ثنائي وليس Ø£Øاديًا، بØيث أن الجملة ÙÙŠ الصيغة “ق قابلة للاختبار†يجب اكمالها لكي نقرأها “ق قابلة للاختبار بالوسيلة Ù…â€.
رابعًا، تقريبًا كل الملاØظات العلمية التجريبية، والقياسات، أو التجارب يتم إنجازها لاكتشا٠شيء ما، ونادرًا ما تكون لتكذيب تخمين. وإذا كنت ÙÙŠ شك من هذا، انظر إلى أي اقتباس لجائزة نوبل ÙÙŠ العلم الطبيعي. على سبيل المثال، تعمل المراصد الÙلكية العديدة ÙÙŠ الوقت الØاضر على العثور على الكوكب التاسع ÙÙŠ نظامنا الشمسي، والذي تنبأ به علماء الÙلك النظريون. وما دام الكوكب 9ØŒ رغم اÙتراض أنه عملاق، غازيًا ÙˆØتى أبعد من بلوتو، Ùيعتقد أن المشروع يتطلب أجهزة كش٠Øساسة إلى أبعد الØدود، ويستغرق خمس سنوات على الأقل. ولذلك دعنا نظلّ مستعدين Øتى النهاية بتكرار أن الكوكب 9 نجا Øتى الآن من الاكتشاÙ. وبعبارة أخرى، ما دام بعض علماء الÙلك يعملون على المشروع البØثي للكوكب 9ØŒ سيكون على الراÙضين التزام الصمت، على Øين يستطيع المتÙائلون مواصلة آمالهم.
وهذه الآمال ÙÙŠ إشباع Ùضولهم هي ما يميز العلماء. ويعمل مرضى الانØرا٠الجنسي ومرضى الاضطراب العقلي ÙˆØدهم لإØداث الألم لأنÙسهم أو الآخرين. وباختصار، نصيØØ© بوبر، لاختبار تخمينات المرء المÙضلة والإطاØØ© بها، خاطئة Ù†Ùسيًا، بالإضاÙØ© إلى كونها مخÙقة منطقيًا ومنهجيًا.
وأخيرًا، نزعة قابلية التكذيب خاطئة تاريخيًا. وبالÙعل معظم الأساطير التي تبين ÙÙŠ النهاية أنها كاذبة كانت قابلة للتكذيب على Ù†ØÙˆ بارز ÙÙŠ بادئ الأمر، دعنا ننعش ذاكرتنا.
مثال 1 : Ùند أوغسطين علم التنجيم عن طريق اختراع قصة الطÙلين المولودين ÙÙŠ الوقت Ù†Ùسه ÙˆÙÙŠ الأسرة Ù†Ùسها، ومن ثم “تØت النجوم Ù†Ùسهاâ€ØŒ ولكن Ø£Øدهما Øر والآخر عبد.
مثال 2 : نظرية العناصر الأربعة، التى جرى التمسك بها لمدة ألÙÙŠ عام تقريبًا، Ùندها الكيميائيون ÙÙŠ القرن التاسع عشر الذين اكتشÙوا أو ركبوا عناصر Øقيقية غير معروÙØ© من قبل. ÙˆÙÙŠ عام 1860 عندما نشر ديمتري مندليي٠جدوله الدوري، كان معروÙًا من العناصر 63. ونعر٠اليوم ضع٠العدد تقريبًا. وآخر ما تم تركيبه هو 118# ويسمى بصورة مؤقته Uuo.
مثال 3 :قراءة الكÙØŒ والمعالجة بالمثل، والوخز بالأبر، وتوارد الخواطر، والتØليل النÙسي، والعلاج الروØÙŠ كانت قابلة للتكذيب من البداية، ولكن قلة من الباØثين اعتقدوا أن هذه الممارسات غير علمية بسبب العجز عن Ø§Ù‚ØªØ±Ø§Ø Ø¢Ù„ÙŠØ§Øª Ù…Øتملة لنجاØاتها المزعومة. (Bunge 2017: 38-39)
6- Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ø§Ù„Ø¹Ù„Ù… والعلم الزائÙ
يبدأ المرء البØØ« العلمي بتØديد مجال (ج) من الوقائع، وبعد ذلك يضع Øولها بعض الاÙتراضات العامة (ع) ØŒ ويجمع مجموعة من المعرÙØ© الخلÙية (Ø®) Øول (ج)ØŒ ويØدد الهد٠(Ù‡) سواء كان Ù…Ùهوميًا أم عمليًا، ثم ÙŠØدد المنهج الملائم (Ù…) لدراسة (ج). ومن ثم يجوز تخطيط “مشروع بØث†بوصÙÙ‡ الخماسي المرتب = > ج، ع، خ، ه، Ù…<.
ويÙترض الÙØص العلمي لمجال الوقائع (ج) أن تكون هذه الوقائع مادية، وتخضع لقانون وتكون عرضة للتدقيق، بوصÙها مقابلة لما هو لا مادي (وخارق على وجه الخصوص)Ø› ولا يخضع لقانون Ø› ويعتمد الÙØص على مجموعة (Ø®) من الاكتشاÙات العلمية السابقة، ويتعلق بالأهدا٠الأساسية (Ù‡) لوص٠وتÙسير الوقائع موضوع البØØ« بمساعدة المنهج العلمي (Ù…). ويجوز وص٠المنهج العلمي وصÙًا موجزًا باعتباره التسلسل التالي:
اختيار معرÙØ© خلÙية – عرض المشكلة – الØÙ„ المؤقت (الÙرض أو التكنيك التجريبي) – إجراء اختبارات تجريبية (ملاØظات، قياسات أو تجارب) – تقويم نتائج الاختبار– التصØÙŠØ Ø§Ù„Ù†Ù‡Ø§Ø¦ÙŠ للخطوات السابقة – والمشكلات الجديدة التي يثيرها الاكتشاÙ. ولا يمنع المنهج العلمي التأمل، وإنما ÙŠÙرض نظامًا على التخيل Ùقط . ومجال العنان المطلق للتخيل هو الÙÙ† وليس العلم.
ويÙترض المنهج العلمي مسبقًا أن كل شىء يمكن مناقشته من Øيث المبدأ، وأن كل مناقشة علمية لا بد من أن تكون صØÙŠØØ© منطقيًا. ويتضمن هذا المنهج أيضًا Ùكرتين دلاليتين أساسيتين هما المعنى والصدق. Ùلا يمكن بØØ« اللغو، ومن ثم لا يمكن أن يكون كذبًا واضØًا. (Ùكر ÙÙŠ Øساب أو ضبط أوقات الطيران باستعمال هايدغر للزمان بوصÙÙ‡ “نضج الزمانيةâ€). زد على ذلك أن المنهج العلمي يتضمن أخلاقيات العلم الأساسي، التي صورها روبرت ميرتون على أنها العالمية، والنزاهة، والشكية المنظمة، والشيوعية الإبستمولوجية – الاشتراك ÙÙŠ مناهج الجماعة العلمية واكتشاÙاتها.
وأخيرًا، هناك أربعة Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ø£Ø®Ø±Ù‰ مميزة لأي علم موثوق: قابلية التغير، والانسجام مع معظم المعرÙØ© السابقة، والتداخل الجزئي مع علم آخر واØد على الأقل، وتتØكم Ùيه الجماعة العلمية. ويلزم الشرط الأول من Øقيقة أنه لايوجد علم “Øي†من دون بØØ«ØŒ وأن البØØ« هو تخصيب لذخيرة المعرÙØ© أو تصØÙŠØ Ù„Ù‡Ø§. وعلى العكس، Ùإن العلوم الزائÙØ© والإيديولوجيا إما راكدة (مثل الباراسيكولوجيا ]علم Ù†Ùس الظواهر الشاذة[)ØŒ أو تتغير تØت ضغط من جماعات القوى أو نزاعات بين الأØزاب (كما كان الØال مع الماركسية والتØليل النÙسي).
ويقرر الشرط الثاني، وهو التÙاعل الجزئي مع التقليد، أن الانسجام مع المعرÙØ© السابقة ضروري ليس للتخلص من التأمل الذي لا أساس له ÙØسب وإنما Ù„Ùهم الÙكرة الجديدة أيضًا، بالإضاÙØ© إلى أنه ضروري لمراجعتها. وبالÙعل Ùإن قيمة Ùرض جديد أو تصميم تجريبي Ù…Ù‚ØªØ±Ø ØªÙ‚Ø¯Ø± جزئيًا بالنطاق الذى تنسجم عليه انسجامًا معقولًا مع أجزاء من المعرÙØ© جيّدة الإثبات. (على سبيل المثال، التØريك العقلي مستØيل لو كان السبب Ùقط أنه يخرج على مبدأ بقاء الطاقة). وبصورة نموذجية، يمكن تعلم مبادئ العلم الزائ٠ÙÙŠ أيام قليلة، على Øين ربما يستغرق تعلم مبادئ علم Øقيقي وقتًا طويلًا، إذا كان ذلك Ùقط بسبب ضخامة مجموعة المعرÙØ© القائمة عليه.
والشرط الثالث الذي مؤداه أن العلم الموثوق يستعمل مجالات بØØ« أخرى أو يغذيها، يلزم عن Øقيقة أن تصني٠العلوم الواقعية اصطلاØÙŠ إلى Øدّ ما. على سبيل المثال، أين تقع دراسة الذاكرة: هل تقع ÙÙŠ علم النÙس أم علم الأعصاب، أم تقع ÙÙŠ العلمين معًا؟ وما الÙرع الذى يبØØ« توزيع الثروة: علم الاجتماع، أم علم الاقتصاد، أم الاثنان معًا؟ وبسبب هذا التداخل الجزئي والتÙاعلات, تشكل Ùئة كل العلوم نسقًا. وعلى العكس، Ùإن العلوم الزائÙØ© تكون منعزلة بصورة نموذجية.
أما الشرط الرابع، الذى يتلخص ÙÙŠ القول إن العلم الموثوق تتØكم Ùيه الجماعة العلمية، ÙتوضّØÙ‡ Øقيقة أن الباØثين لا يعملون ÙÙŠ Ùراغ اجتماعي، وإنما يختبرون المثيرات والموانع للزملاء (الذين لا يعرÙونهم بصورة شخصية ÙÙŠ غالب الأمر). وهم يستعيرون المشكلات والاكتشاÙات، ويبØثون عن ملاØظات؛ وإذا كان لديهم أي شيء مهم يقال، Ùإنهم يعدون النصيØØ© الملØØ©. وهذا التÙاعل للتعاون مع التناÙس هو آلية لتوليد المشكلات والتØكم ÙÙŠ النتائج ونشرها: وهي ما يجعل البØØ« العلمي مشروعًا شاكًا ÙÙŠ ذاته ومصØØًا لذاته. هذه هي Ø§Ù„Ù…Ù„Ø§Ù…Ø (أو الشروط) المميزة للعلم الواقعي الØقيقي Øتى الآن، سواءً كان طبيعيًا أم اجتماعيًا أم اجتماعيًا Ø£Øيائيًا. (ماريو بونجي، 2019 : 574-577)
ودعنا نسجل السمات المميزة للعلم الزائÙ. المعالجة العلمية الزائÙØ© لمجال من الوقائع تØيد عن بعض الشروط الأربعة السابقة، على Øين تسمي Ù†Ùسها علمية. Ùربما تكون هذه المعالجة غير متسقة أو ربما تتضمن Ø£Ùكارًا غير واضØØ©. وقد تÙترض واقعًا لموضوعات بعيدة الاØتمال تمامًا، مثل الإبعاد الغريب أو التØريك العقلي، والجينات الأنانية، والأسواق الآلية. وربما تسلم المعالجة المذكورة بأن الوقائع التي نتØدث عنها لا مادية أو غامضة أو تتص٠بالصÙتين معًا. وتعجز عن أن تقوم على اكتشاÙات علمية سابقة. وربما تزيّ٠نتائج الاختبارات، أو ربما تستغني عن الاختبارات التجريبية تمامًا.
زد على ذلك أن العلوم الزائÙØ© لا تتطور، وإن تطورت، Ùإن تغييراتها لا تنشأ من البØØ«. العمل الأساسي Ù„Ùرويد عن تÙسير الأØلام، المنشور ÙÙŠ عام 1900ØŒ Ø£Ùعيد طبعه ثماني مرات ÙÙŠ Øياة Ùرويد، ولم يطرأ عليه أي تغيير أساسي.
والعلوم الزائÙØ© معزولة على Ù†ØÙˆ مميز عن Ùروع المعرÙØ© الأخرى، مع أنه قد يتصاد٠أن تتزاوج Ø£Øيانًا مع علوم زائÙØ© شقيقة، والشاهد على ذلك هو علم التنجيم التØليلي النÙسي. وبعيدًا عن الترØيب بالنقد، تØاول العلوم الزائÙØ© تثبيت الاعتقاد. وهدÙها ليس البØØ« عن الصدق وإنما الإقناع. وعلى Øين يكون العلم مليئًا بالمشكلات، وتثير اكتشاÙاته مشكلات إضاÙية، يتسم العلماء الزائÙون باليقين. وإن شئت أن تضع ذلك بعبارة أخرى Ùقل: على Øين ينجب العلم علمًا إضاÙيًا، يكون العلم الزائ٠عاقرًا لأنه لا يولد مشكلات جديدة. وخلاصة القول: إن المشكلة الأساسية للعلم الزائ٠أن بØثه إما أنه معيب على Ù†ØÙˆ خطير أو غير موجود. وهذا هو السبب ÙÙŠ أن التأمل العلمي الزائÙØŒ على خلا٠البØØ« العلمي، لم يقدم قانونًا واØدًا عن الطبيعة أو المجتمع. (ماريو بونجي، 2019 : 585-587)
ورغم أن العلم Øظي بمكانة Ùكرية واجتماعية ÙÙŠ Ùهم الطبيعة وتÙسير ظواهرها، Ùإن الأÙكار المضادة لا تنÙÙƒ تنازعه هذا العمل، الأمر الذي دÙع بونجي إلى التأكيد ÙÙŠ آخر كتاباته تقريبًا أن “الدÙاع عن العقلانية ضروري اليوم مثلما كان ضروريًا ÙÙŠ العصور السابقةâ€. (Bunge 2019 b: viii)
إن Øلّ بوبر لمشكلة التمييز يوØÙŠ بأن العلم قد اكتمل، والشيء المØقق أن هناك الكثير الذي لا نعرÙÙ‡ عن الكون. ناهيك عن أن تصور الØÙ„ بوصÙÙ‡ نهائيًا يمثل عقبة أمام تطور الÙكر. والخلاصة أنه لا يوجد تمييز واØد وبسيط يميز العلم من العلم الزائÙ. ولا تزال المسألة مطروØØ© للبØØ«ØŒ ولانزال ÙÙŠ Øاجة إلى Ùهم ÙلسÙÙŠ وتاريخي واجتماعي لظاهرة العلم الزائÙ.
المراجع
Bunge, Mario. 2017. Doing Science in the Light of Philosophy. Singapore: World Scientific Publishing.
Bunge, Mario. 2018. From a Scientific Point of View, Cambridge Scholars Publications, Newcastle, UK.
Bunge, Mairo. 2019a. “Inverse Problems,†Foundations of Science, 24:483–525.
Bunge, Mario. 2019b. “Foreword,†in Michael R. Matthews (ed.), Mario Bunge: A Centenary Festschrift, Switzerland: Springer, pp.vii-viii.
Duhem, P. 1954. The Aim and Structure of Physical Theory, translated from the French by P.P.Wiener, Princeton, New Jersey: Prinecton University Press.
Gordin, Michael D. 2015. “Myth 27. That a clear line of demarcation has separated science from pseudoscience,†in Numbers, Ronald L. & Kostas Kampourakis, eds. Newton’s Apple and Other Myths About Science, Cambridge, MA: Harvard University Press, pp. 219–226.
Hempel, Carl G. 1965. Aspects of Scientific Explanation. New York: Free Press.
Hempel, Carl G. 2000. Selected Philosophical Essays, edited by Richard Jeffrey, Cambredge: Camberdge University Press.
Hewitt, Paul G. 2015. Conceptual Physics, twelfth edition, Boston: Pearson.
Nickles, Thomas. 2006. “Problem oF Demarcation,†in Sahotra Sarkar and Jessica Pfeifer, eds., The Philosophy of Science: An Encyclopedia, New York, London: Routledge, 2006, pp. 188-197.
Nickles, Thomas. 2013. “The Problem of Demarcation: History and Future,†in Pigliucci, M. and M. Boudry, eds., Philosophy of Pseudoscience: Reconsidering the Demarcation Problem, pp. 101–120.
Pigliucci, Massimo and Maarten Boudry (eds.). 2013. Philosophy of Pseudoscience: Reconsidering the Demarcation Problem, Chicago and London: The University of Chicago Press.
Pigliucci, M. and M. Boudry. 2013. “Introduction:Why the Demarcation Problem Matters,†in Pigliucci, M. and M. Boudry, eds., Philosophy of Pseudoscience: Reconsidering the Demarcation Problem, pp. 1- 6.
Popper, Karl. 1959. The Logic of Scientific Discovery. London: Hutchinson.
Popper, Karl. 2002. Conjectures and Refutations: The Growth of Scientific Knowledge, Routledge.
Quine, W . V . 1975. “On Empirically Equivalent Systems of the World,†Erkenntnis 9: 313-328.
Quine, W . V . 1982. Theories and Things, Cambridge, Massachusetts: Harvard University Press.
Wittgenstein, Ludwig, 2002. Tractatus Logico-Philosophicus. Translated by D. F. Pears and B. F. McGuinness, with an introduction by Bertrand Russell, London, New York: Routledge.
ØµÙ„Ø§Ø Ø¥Ø³Ù…Ø§Ø¹ÙŠÙ„ØŒ 1995ØŒ ÙلسÙØ© اللغة والمنطق : دراسة ÙÙŠ ÙلسÙØ© كواين، القاهرة : دار المعارÙ.
ماريو بونجي، 2019ØŒ المادة والعقل: بØØ« ÙلسÙÙŠØŒ ترجمة وتقديم، ØµÙ„Ø§Ø Ø¥Ø³Ù…Ø§Ø¹ÙŠÙ„ØŒ القاهرة: المركز القومي للترجمة.